السبت، 11 أبريل 2009

البرق والرعد


البرق والرعد

قال تعالى : ) َ الَّذِي يُرِيكُمْ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ ، وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ)1
تبرز الآية الكريمة مظهراً من مظاهر قدرة الله سبحانه وتعالى ، وهذا مظهر يتمثل في آية من آيات الله ( البرق ) .
" والبرق : الذي هو لمعان السحاب(2)" ،
وهو ذو جناحين ، جناح فاض بالبشرى الحبور ،
لأنه يبشر بهطول المطر ودرّ الغيث من السماء لتنتشر الرحمة على العباد ،
وجناح يحمل الإنذار ، ويدخل الهلع والقلق على النفوس ، فترتعد الفرائص ،
وتصفر الوجوه وتنـزوي القوى …
فالله سبحانه وتعالى يرينا البرق الذي يحمل هذين المعنيين ( الخوف والطمع ) لتلهج ألسنتنا بذكر الله وتسبيحه وتحميده
، لأن الكون كله يسبح الله من ملائكة ورعد وبرق وشجر وحجر …
لكننا نحن معاشر البشر لا ندرك كنه هذا التسبيح حقيقة ،
ويرسل العزيز الجبار الصواعق فيصيب بها من يشاء من عباده و يعذب بها من يريد ، ليعلم الذين غفلوا عن الله أن الله شديد المحال ، شديد البطش والقوة ، يحكم ما يريد ويفعل ما يشاء .
ولقد أشار الحق سبحانه وتعالى إلى أن البرق ( الصواعق ) التي يرسلها تسبب الهلاك والموت
قال تعالى : ( أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ)3
فالصواعق قاتله ، ومهلكة للممتلكات ومزهقه للأرواح ، ومدمرة لقواعد البشر المعمرية والعملية والبرية والبحرية
…زد على ذلك فإن الشحنات الكهربائية التي تصدر عن البرق تؤدي إلى العمى ،
قال تعالى في ذلك  يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ.
إن هذه الحقائق التي ذكرها القرآن الكريم عن البرق والرعد والصواعق أرعبت البشر قديماً و حديثاً ، وهزت كيانهم هزاً عنيفاً مخيفاً وراحوا يستعدون لمواجهتها بأساليب متنوعة ووسائل متعددة وإليك لمحة علمية موجزة تفسر ما حكاه القرآن الكريم عن جنوده هذه :
" يتولد عن اندلاع الصواعق المدارية عادة العواصف الرعدية فهي دوماً مصاحبه لها ، كذلك فإن الأعاصير غير المدارية مسؤولة عن اندلاع العواصف الرعدية ،والتورنادو ، ( Tornadoes ) في قائمة الكوارث الطبيعية القاتله ، يصاحب اندلاع العواصف الرعدية عادة حدوث البرق وهو الذي يؤدي بحياة العديد من البشر في كل عام ، ويحصل بسببه الدمار وبعض حرائق الغابات ،
وفي الولايات المتحدة الأمريكية وعلى مدى أكثر من ( 20 ) عام قبل عام ( 1987 ) كان يموت بفعل البرق سنوياً ( 9 ) أشخاص كمعدل عام ." ( 1 )
" وقد ثبت علمياً أن جميع السحب مشحونة كهربائياً وتبلغ الشحنات أقصاها في السحب الركامية العاصفية ،
ويلزم لظهور البرق شحنات من ( 10 – 100 ) كولوم ، تبعد الواحدة عن الأخرى من ( 1 إلى 10 ) كم ، …
والصاعقة مؤلفة من بروق متعددة تم تصويرها بآن واحد تشكل معظمها بين السحب وسطح الأرض ولكن يوجد منها ما يتشكل بين السحب نفسها ،
وتسمى هذه بالبروق الخطية والتي يصل فيها طول الخط الواحد بضعة كيلومترات ،
وقد تتمحض العاصفة عن عدة آلاف عملية من عمليات التفريغ الكهربي ( البرق ) وقد يصل طول الشرارة الواحدة ( 1,5 ) كم عندما يتم التفريغ بين السحابه و الأرض ( صاعقة ) ،
أما طولها عندما يحدث التفريغ بين السحب فهو يزيد عن ذلك كثيراً ،
وعندما تكون الصاعقة قريبة منا لا يصعب تمييز تفرغ الشرارات وتعددها في كل إتجاه ،
وقد تستغرق الواحدة منها زهاء ثانية كاملة قبل أن يتلاشى وميضها ،
وقد يتعذر علينا رؤية الشرارة نفسها حيث تضيء السحب والسماء فجأة بنور ساطع يطلق عليه أحياناً اسم ( صحائف البرق )" ( 2 ) .
إنها ومضات سريعة تعرفنا من خلالها على الرياح وأنواعها والريح وعواقبها ،
والسحب وأشكالها ، وعلى البرق والرعد والصواعق فكل هذه من جنود الله العظيم ، لينبه بها عباده أن يا عبادي فاتقون .
 إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ 3

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الرعد الآيتان ( 12 – 13 ) .
(2) ) مفردات ألفاظ القرآن : للراغب الأصفهاني ،ص 118 .
(3) النور : الآية 43 .
( 1 ) الأنواء الجوية : د . ك سميث ، ص 35 .
( 2 ) المعارف الكونية بين ال( 3 ) ق : الآية ( 37 ) .
علم والقرآن : إعداد نخبة من علماء الفكر المعاصر ، ص370 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق